كان يا مكان في بلد من البلدان تاجر متزوج من ابنت عمه، وقد كانت حسناء وجميلة وذات رجاحة عقل. وكانا يحبان بعضهما حبّا كبيرا. وفي إحدى السنوات حلّ كساد اقتصادي في بلادهما. فقرّر زوجها تجهيز قافلة وقال لها:”يا ابنة عمي، إنّي سأذهب إلى بلاد أخرى من أجل أن أتدبّر أمري.” فقالت له: “فلتذهب ولن يخيّبك الله إذا توكّلت عليه.” قضّى التاجر مدّة سنة كاملة في رحلة السفر وبقيت هي وحيدة مع خادمتها.
وصل التاجر إلى تلك البلاد التي كان ذاهبا إليها. كان في تلك البلاد تاجر أسمر، لم يكن أبيضا ولم يكن أسودا بل كان لون بشرته خليطا بين السواد والبياض، فربما كان أبوه حرا وأُمه أَمة أو ربما كان أبوه عبدا وأمّه حرّة. وعلى كل حال فإنه كان يسمّى بالتاجر الأسود. كان ذلك التاجر يكسب رزقه من خلال سلب سلع التجار الأجانب. كان يصطحب التجار الأجانب في جولة ويستضيفهم في بيته ويلعب مهم الشطرنج وهو محترف جدّا في تلك اللعبة، فيراهن التجار الآخرين على الفوز من أجل الفوز بالسلع إلى أن يستولي على سلعهم.
وصل التاجر إلى المدينة فمرّ به التاجر الأسود وقال له: “ستقضي الليلة عندي”، وألحّ عليه من أجل أن يقبل الضيافة. ثمّ أخذه إلى بيته واستضافه استضافة الملوك وبعدها بدآ يلعبان الشطرنج. وبعدها ربح التاجر الأسود. وبعد ذلك بدآ يتحدثان عن الشؤون العائلية، ثمّ نظر التاجر الأسود وقال:”لا يمكن الوثوق في النساء”. قال له التاجر الأبيض:”ليس كلّ النساء سواسية، أنا لي ابنة عمّي، وهي في منتهى الجمال والأخلاق. فتراهن الاثنان، وتمثّل الرهان في قدرة التاجر الأسود على إحضار علامة تدل على خيانة زوجة التاجر الأبيض ليثبت كلامه، وفي حالة نجاحه فإنّه سيأخذ كل أملاك التاجر الأبيض.
وصل التاجر الأسود إلى باب منزل زوجة التاجر الأبيض إلاّ أنّه تأكّد من أنّ تلك المرأة لا تخرج أبدا من منزلها. بقي ذلك التاجر مستلقيا أمام المنزل وقد يئس من خروج المرأة. وبينما هو على تلك الحالة مرّت به عجوز طاعنة في السن وقالت له:” ما الذي تفعله هنا؟” فقال لها: “إني أريد أن أحصل على علامة تدل على خيانة ربّة هذا المنزل.” ذهبت تلك المرأة العجوز لربّة المنزل وقالت لها من وراء الباب: “إنّي امرأة فقيرة وسوف أزوّج ابنتي، فهل لا أعطيتني شيئا من أجلها. بعد أيّام قدّمت لها ربّة المنزل فستانا. أخذ ذلك التاجر الفستان وعاد به إلى التاجر الأبيض وافتكّ منه سلعه وجعل منه خادما له.
بعد مدّة أرسلت المرأة خادمتها لتبحث لها عن زوجها في تلك المدينة التي سافر إليها. بعد طول بحث دخلت الخادمة إلى حانوت بائع فطائر فوجدت سيدها يعمل هناك وهو في حالة رثّة. خرجت مسرعة من الحانوت وبقيت تسأل الناس عن السبب الذي جعل سيدها في تلك الحالة، فسردوا لها ما حصل له مع التاجر الأسود. رجعت تلك الخادمة إلى سيدتها وحكت لها ما الذي وقع لزوجها. أرسلت السيدة خادمتها لشراء 100 جمل و99 عبد أسود من سوق العبيد واشترت بُدلة رجل.
سافرت المرأة إلى المدينة وكان أوّل شخص يعترضها هو التاجر الأسود. فوجّه لها الدعوة من أجل لعب مقابلة شطرنج معه، وبينما هما يلعبان خدعته ووضعت له مخدّرا في طعامه وربحته وافتكّت منه أملاكه ووشت به إلى القضاة فحبسوه واسترجعت أملاكها وأملاك زوجها.