هل انتبهتم إلى ذلك الأمر؟ كلّما حكت امرأة عن رجل قام بصنيع سيّء قالت “وهل يوجد أمان مع الرجال؟”، أمّا إذا حكت عن امرأة قد خانت زوجها أو فعلت له أشياء مشينة فإنها لا تقول أبدا بأنّه لا يوجد أمان مع النساء. فالسيء والجيد موجود في كلٍّ من الرجال والنساء، أمّا النساء فلا يرين إلاّ سوء الرجال، كما أنّ الرجال أيضا لا يرون إلاّ سوء النساءّ، هذه هي الحقيقة.
في مرّة من المرّات استمعنا إلى حكاية رجل مبسوط يعيش في رغد كبير من العيش، ولكنّ زوجته لم تُظهر أيّ بوادر لإنجاب الأطفال فخافت أن يطلّقها ويتزوج امرأة أخرى عوضا عنها فتجد نفسها بدون أيّ أرزاق. ففكّرت هي وأمّها، واتفقتا مع القابلة بأن تجد لهما رضيعا. وبعد أيام قالت لهما القابلة: “ها قد وجدت امرأة حبلى وهي تريد التخلّي عن رضيعها.” ومنذ ذلك اليوم أصبحت الزوجة تتقيّأ وتحسّ بالتوعّك وصار وجهها مصفرّا. قال لها زوجها: “ما بكِ؟” فقالت له: ” لا أعرف، يبدو أنّه وحم”. فرح الرجل واهتزّ من شدّة الفرح، وأصبح يوفّر لها كلّ الدلال والعناية، وكانت المرأة في كلّ يوم تزيد قطعة من القماش تحت ثوبها وتكبّر بطنها. فعندما كان يُفترض أن تكون المرأة الحبلى في شهرها الرابع كانت هي في شهرها الرابع، وعندما كان يفترض أن تكون المرأة الحبلى في شهرها الخامس كانت هي في شهرها الخامس. فكان وزنها يزيد قليلا في كل يوم، ولم يكن الرجل عالما بأيّ شيء ولا متفطّنا لأيّ شيء ولم يكن لديه أمّ أو أخت أو أيّ وليّ أمر. وتواصلت الأمور على تلك الحالة إلى أن أصبحت بطنها منتفخة إلى أقصى حدّ. في مرّة من المرّات خرج الرجل من الدار، ولكنه تذكّر أنّه نسي شيئا ما فعاد إلى الدار ولم تتفطّن زوجته لذلك، وقد كانت الغرفة التي فيها زوجته أمام السقيفة، ثم شاهد شقيقَ زوجته يدفع الباب ويدخل جاريا ثمّ يقول: “أسرعي، لقد ولدت المرأة، اصعدي إلى الفراش”، وخرج يجري إلى السقيفة، وقف عند الباب، دخل، خرج، دخل من جديد ثمّ دفع الباب مرّة أخرى. دخلت أمّها ومعها امرأة أخرى وهي القابلة وكانت تحمل شيئا في أحضانها. صاحت أمّها وسط الدار قائلة: “يا الله “، ثمّ دخلوا البيت وكانت الصّيحة. فهم الرجل الحكاية، فقفز إلى السقيفة وتظاهر بأنّه فتح باب الدار ثمّ دخل، وقال لهم: “ما الذي حلّ بكم؟ ما الذي يحصل؟ هل حصل شيء؟ فخرجت له العجوز قائلة: “ابقى هناك، ابقى هناك، لا تدخل، إنّ زوجتك في مخاض الولادة.” تعالت الزغاريد. “ماذا ولدت؟” إنّه “ولد”. دخل الزوج وقبّل زوجته على جبينها ثمّ خرج ليشتري المقتضيات اللازمة. تغيّب مدّة ساعة، وفجأة دخل عليهم مصحوبا بشرطيّين ومحقّق شرطة وطبيب. فحص الطبيب المرأة التي ولدت فلم يجد عليها أيّ آثار حمل أو ولادة. وقع أخذ الرضيع إلى المستشفى، أمّا الجماعة الآخرون فقد أُخِذوا مع القابلة منقادين بالسلاسل. بعد أن أنهيت الحكاية قالت المرأة: “لا يوجد أمان في الرجال؟” هذا غريب يا سيدتي! رغم كل ما فعلته كلُّ من المرأة الأولى والثانية والثالثة، هي وأمها والقابلة، لقد قمن له بمكيدة وأنت تقولين بأنّ الرجال فقط هم الذين ليس فيهم أمان؟ إنّ النساء الثلاث هنّ اللاتي ليس فيهنّ أمان، أمّا هو فقد دافع عن نفسه ولم يتركهنّ يخدعنه ويأتين له بشخص غريب ليرثه.
دعني أحكي لكم حكاية قد وقعت فعلا. كان هناك رجل قد مات وترك امرأة وولدين. بعد أن أنهت المرأة مراسم الموت وما تبعها تركت الصغار عند أخ زوجها ثمّ ذهبت بعيدا. ذهبت إلى مكان ما، ربّما نابل، أو سوسة، أو صفاقس أو قابس أو غيرها من الأماكن، لا علينا في المكان. مرّت السنة الأولى، الثانية، الثالثة، السابعة، الثامنة.. وبعد أن غدر بها الزمان عادت. وفي يوم من الأيام دخل أخو زوجها الدار فقالت له زوجته: “إنّ زوجة أخيك قد جاءت منذ قليل وهي تُبلغك السلام”، فقال لها: “ماذا؟ ما الذي جاءت تفعله هنا؟ لا أريدها أن تضع رجلها في هذه الدار، هل تسمعين ما أقوله أو لا؟”، فقالت له: “حاضر”. وفي اليوم التالي قالت له: ” لقد جاءت اليوم كذلك. الحق أقول لك، لقد أحسست بالخجل ولم أستطع أن أطردها، فهي زوجة أخيك على كلّ حال، كما أنّ أبناءها يتامى وهم يذكرّونها بزوجها”، قال لها: “على كل حال، أنا لم أعد أحب أن أراها، لم أعد أريد أن أرى وجهها”. أصبحت تلك المرأة تأتي كلّ يوم تقريبا، مرّة تتناول الفطور ومرّة تتناول العشاء. وفي أحد الليالي تأخرت عن مغادرة الدار، فقالت لها:” ابقي ونامي هنا”، ولمّا عاد زوجها قالت له: “أقول لك الحق ولا أريد منك أن تغضب، إنّ زوجة أخيك تنام عندنا الليلة”. وبمجرّد سماعه لذلك الكلام أدار وجهه، قالت له: “أين أنت ذاهب؟”، قال لها: “لن أدخل الدار”. غضب وصاح، ولكن بما أنّ الغلبة للنساء فإنّ الرجل سَكت ولكنّه لم يقابل المرأة، فبقي هو في غرفة وهي في غرفة أخرى. وأصبحت المرأة من حين إلى آخر تقضّي الليلة عندهم، وبما أنها تفتح الباب لمن يدخلون الدار فقد أصبح يقابلها، إنّ الغلبة للنساء. فأصبحوا يتناولون الفطور والعشاء مع بعضهم البعض وأصبحت دائما تقضي الليلة في الدّار. وفي يوم من الأيام ذهبت الزوجة لتحلّ ضيفة في دار أبيها، فأخذها زوجها منذ الصباح. وفي العشيّة جاء زوجها وطرق عليها باب الدار ومدّ لها ورقة طلاقها من تحت الباب. ما الذي حصل؟ لقد أعاد الرجل زوجة أخيه التي لم يكن يرغب حتى في السماع عنها وطلّق زوجته. رغب كلّ ما فعلته من أجلها ورغم أنها ربّت لها أولادها وأطعمتها وأشربتها ولم ترغب أن تطردها ودافعت عنها وألحّت من أجلها، فماذا كانت المكافأة؟ لقد تخلّصت منها وأصبحت هي في بيتها وفراشها، أمّ الأخرى فقد خرجت بخفّي حنين. فمن الذي ليس فيه أمان هنا؟ الرجل أو المرأة؟