ثمّا مرا طلّقها راجلها . كان في السّابق الطّلاق عيب و عار و قليل ياسر، و أولاد الأصول ما يطلّقوش . ثمّا طبقة من النّاس اللي ما يعرفوش يطلّقوا . و حتّى إذا كان واحد قدّر عليه ربّي و حضر الشيطان بينو و بين مرتو و طلّقها ، يبدا حاشم و ماذا بيه ما يسمع بيه حدّ ، و كيف يبدا ماشي في الشارع يظهرلو كاينّو الناس الكل يتغامزوا عليه و يوَرّيوا فيه بالصّبع . و هذيكا تقعد تاريخ في العايلات . و تلقى ساعات واحد يقولوا عليه ” تي هذاكا ماهو هاك العام جدّو كان طلّق مرتو ، و إلاّ عمّو و إلاّ خوه و إلاّ خالو .” و المرا كذلك إذا كان طلّقها راجلها تبدا كاينّها آش من عملة عاملتها و الموت خيرلها من الحياة و يبداو النّاس نابذينها و حاقرينها و ” علاش تطلّق الراجل “.
هالمرا اللي طلّقها راجلها قلنا اسمها جبرا ، قدّر ربّي حضر الشيطان بينها و بين الراجل ، قال هاك الكلمة المشومة . مسكينة قلبها طاح ، ظلامت الدنيا في عينيها ، حلّت باب الدار و خرجت كيف المصهممة ، ما تعرفش لوين مدّينها ساقيها .
ما تنجّمش تمشي لدار بوها خايفة من والديها و حاشمة من الأهل و الجيران آش بش يقولوا و آش بش يسمّيوا ، و النّسا ماهو كلامهم ياسر و تفيسيخهم ياسر و رميان المعاني متاعهم ياسر، و مسيكن اللي يطيح بين يديهم . بدات ماشية بالخطيوة بالخطيوة حتى وصلت للغابة . زادت لقدّام توغّلت في هاك الغابة هذيكا.
عشّات العشيّة ، طاح عليها الليل ، جات تحت شجرة و قعدت . هي هكّايا و تسمع في زهير و ضرب طبل و تشوف في هالصّيد جاي يهملج و يزهر و يضرب في أجنابو بذيلو و عامل كيف حسّ الطّبل حتّى وصللها.
قاللها: – “آش جابك لهوني ؟ أحنا نجيوكم لبلدانكم ؟ لواه إنت جايتنا لغابتنا ؟ عاملة ع الموت والا شنوّا ؟”.
قالتلو : – ” لا مش عاملة ع الموت ، آما راجلي طلّقني “.
قاللها : – ” و إنت شعمتلو؟”،
قاتلو : -” ما عمتلو شي، ظلمني . إذا كان هو ظلمني ، تزيد إنت تاكلني والا شنوّا ؟ ياخي آنا شعملت قدّام ربّي ؟”.
قاللها: – ” مليح، اقعد عليك الأمان . تحبّ تعيش معايا ؟”.
قالتلو: – ” اللي عملت مبروك .”
قاللها: – “مالا أيّا قوم تبّعني .”
قامت بدات اتّبّع فيه و هو ماشي حتّى وصّلها للخشّة متاعو. يا سيدي ولاّت عايشة ثمّا ، و هو كل صباح يخرج يسرح و يجيبلها مرّة أرنب مرّة حجل مرّة ثعلب مرّة غزالة ، و هي تشعّل النار و تشوي و تعشّي و كلمة أعوذ بالله ما جاتش بيناتهم . هي ماشية في حظوظو و هو يجري و يقول يا قلّة الصّحّة ، عايشة معاه في خيار الخير و هو النّهار الكل يكركر و يجيب .
ليلة روّح لقاها مسكّنة ، تتكلّم بالمساسك كيما يقولوا .
– ” شبيك ؟” قاللها ” لاباس ؟”،
قالتلو : – ” لا لاباس “. من غدوا كيف كيف.
– ” شبيك يا بنتي ؟ حاشتك بحاجة؟ ثمّاش شكون تعدّى عليك ؟”،
قالتلو : – ” لا “.
– ” تي بالك توحّشت ناسك و امّاليك “،
قالتلو : – ” إيه مالا توحّشت أمّي و إخوتي و دارنا و امّالينا و جيراننا ، ماذا بيّا نطيّر منهم وحشة . ياخي آنا ما عندي حدّ ؟ جابتني حجرة والا مجرة ؟”
قاللها : – ” عاد قلتلي، هذا اللي عليك ؟ غدوا نوصّلك “
من غدوا قاموا ع الصّباح شدّوا الثّنيّة ، وصّلها لآخر الغابة ، قربت للبلاد ، قاللها : ” أهوكا زيارة النّبي 3 أيام. نهار ثالث يوم ع الفجر نجيك و نهزّك .” بقّاها بخير و رجع على نفسو .
دخلت هي للبلاد ، وصلت لزنقتهم ، دقّت على باب دارهم
– ” شكون ؟” ،
قالت : – ” جبرا “،
– ” آه جبرا ؟” خرجوا يجريو، أمّها و إخوتها يبوسوا و يعنّقوا و سمعوا الجيران، فزعوا الناس الكل ولاّت متفرّحات و الدّاخل داخل يهنّي و الخارج يهنّي و امّاكل و سهريّات و ” وين كنت ؟” و ” هالغيبة ” و ” هالبلاد كلاتك “
قالتلهم : – ” يزّيني من العباد و يزّيني من الرّجال .. ماخذة صيد “.
– ” شنوّا ؟ ماخذة صيد ؟ كيفاش خذيت صيد ؟”
و بدات تحكي و توَنّع و تُفخر كيف ما تعرف النّسا تُفخر رجالها ، القوّة و الشّجاعة و العَفرتة و الشّلاغم المبرّمة و آش يجيب و آش يجلّب و الهوش الكل يخاف منّو و العباد الكل تخاف منّو ، و عايشة معاه عيشة الهنا و هو يجري و يطيح و لا يعرف لا سهريّة لا يعرف هملة كيف الرّجال ، ما يعرف إلاّ الخدمة و ما يجيبلها إلاّ اللي يرضيها ، و هاك النّسا حالّة افّامها طاقة يسمعوا في عجب ربّي . واحدة تقول ” لو كان خذيت صيد مش خير من هاك الرّاجل الطّيرة ؟ ” ، و واحدة تقول ” على سعدي المكفّس والا راني خذيت صيد .”و واحدة تقول ” اللّطف يا ربّي ، كان ناخو صيد و كيف يقوم ياكلني بربّي ؟ ” .. و هي النّهار الكل تشكر ما تقول فيه إلاّ المليح ، تشكر و تمجّد ، و هي في خلافات من عقلها .
لكن الأم ماهي ديما مشكاكة ، بعد ما يخرجوا النّاس الكل و تتخالى بيها تبدا تنشد فيها و تسلّلها في لسانها كيما يقولوا ” بالك بنيّتي مش عامل معاك المليح ؟ بالك مش عاملّك قدرك ؟ بالك يقومشي ساعات يخوّفك والا حاجة ؟” تقوللها ” لا امّيمتي ، و راس امّيمتي شي ، راجل و سيد الرّجال وكامل الصّفات .” حتى الليلة لخرانيّة بدات تلحّ عليها حتى قالت : ” امّيمتي ما فيه إلاّ حويجة ، فُمّو أبخر “.
هاو الصّيد اللي قاللها بش يجيها ع الفجر نهارتها ، ثالث يوم بش يجي يهزّها ، جا بكري شويّة . هو في قفا الدار و هوما مازالوا ساهرين سمع هاك الكلمة هذيكا قالت ” فُمّو أبخر”.
رجع على ثنيّتو و عاود رجع مرّة أخرى ع الفجر. خرجتلو، شدّو الثّنيّة و رجعوا للغابة متاعهم . لكن الهيئة متاعو تبدّلت ، عالق الغضب ما بين عينيه ، هي تقولو :
– ” شبيك يا سيدي ؟ “
و هو يقوللها : – ” حتى شي “.
– ” آش جرالك يا سيدي ؟ “
يقوللها : -” ما جرالي شي “.
– ” تي شنوّا سمعت ؟ ” ،
يقوللها : – ” شي ما بيّا ما سمعت حتّى شي .”
حتّى نهار و هو يدور هو ويّاها في الغابة يلقاو شاقور. قاللها:
– ” شدّ هاك الشّاقور هذاكا و إيجا اضربني بيه ما بين العينين .” قامت تضحك
– ” وُه ؟ “
قالتلو : – ” نضربك ؟ كيفاش نضربك ؟ و بشاقور عادا .. هذاكا اللي مازال.. مسهلو عند أهلو .”
قاللها : – ” قتلك اضربني “،
قالتلو : – ” شنوّا ؟ صار هو بالمجدّ ؟”
قاللها : – ” اضرب” ،
قالتلو : – ” ريح الزّما هذاكا اللي مازال نضرب سيدي و مُولى بيتي ، و بشاقور زادا .. لا يا سيدي ما ننجّمش.”
ولّى تغشّشّ و حمارت عينيه ، ولاّت كيف قطاعي النّار و قاللها :
– ” تضرب والا تو نقُصّلك راسك ؟”. ولاّت خافت و شدّت الشّاقور و هزّتّو بزوز يدين أعلى من راسها و تقولو بيه العرب رحلت ، شقّتهولو راسو على ثنين و بدا الدّم يجري . بدات تفركس هي في الحشايش و تحُطّلو على هاك الجُرح هذاكا حتى كفّ الدّم .
و قعدت 30 يوم بلياليهم وهي تحطّلو في هاك الحشيش هذاكا ، حشايش تلقّط فيهم من الغابة حتى تغلق الجُرح و برى. ” الحمد لله على سيدي و هذا النهار المبروك و هذا النهار السعيد .. ” و بدات تزغرط ، ياخي قاللها :
– ” اسكت اسكت ، لَبخر ما يزغرطوش عليه.”
قالتلو : – ” وُه شنوّا هالكلام ؟ “
قاللها : – ” لسانك صوّانك. كان صنتو صانك و كان خنتو خانك. الجرح يبرى يا جبرا ، تبرى عليه الضّميدة ، و كلمة السّوء يا جبرا تمسى و تصبح جديدة .” و ترمى عليها كلاها .